موقع تراث السيد عبد الحسين شرف الدين

السيرة

ترجمة حياة السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي

آية الله العظمى الشيخ مرتضى آل ياسين (قدس سره)

    لست ببالغ من تعريفك أيها القارئ الكريم بالسيد المؤلف مبلغ تعريف هذا الكتاب (كتاب المراجعات) به، وحسبك منه وانت تقرؤه في هذا الكتاب أن تعرف به بطلا من ابطال العلم، وفارسا من فرسان البيان، تأتيه حين تأتيه مالكا لامرك، مسيطرا على نفسك، فاذا استقر بك المقام عنده، لم تتمالك دون أن تضع قيادك بين يديه، فاذا هو يتملك زمام أمرك، ويدخل إلى قرارة نفسك، فيسيطر عليك بطبيعة قوته وأدبه وعلمه.

    وأنت لا تخشى مغبة العاقبة من هذه السيطرة فإنها سيطرة مضمونة الخير، مأمونة الشر، بعيدة عن الكيد والمكروه، بعد الصحة عن الفساد، وكن واثقا أكبر الثقة ـ حين يأخذك بيانه وبرهانه ـ أنه إنما يرد بك مناهل مترعة الضفاف، بنمير ذي سلسبيل، كلما كرعت من فراته جرعة، تحلبت شفتاك لجرعات تحسب أن ليس لظمئك راويا غيرها.
هذا بعض ما يعرفك به الكتاب عن مؤلفه، أفتراني أبلغ من تعريفك به أبعد مما يعرفك هو بنفسه؟ كلا فإن للسيد عبدالحسين في الحياة مناحي وميادين لا أراني موفيا عليها، وانا في هذا السبيل الضيق القصير، ويوشك أن يكون الامر يسيرا لو أن المترجم له غير هذا الرجل، ويهون الامر لو كان من هؤلاء الرجال المحدودة حياتهم وأعمالهم، أما رجل كهذا الرجل الرحب العريض، فمن الصعب جدا أن يتحمل كاتب عب‌ء الحديث عنه، والتوفر عليه، لانه يشعر حين يقف اليه أنه يقف إلى جبل ينبض بألوان من الحياة، متدفقة من كل نواحيه وجوانبه، فلا يكاد يرد كل لون إلى مصدره إلا ببحث عليه مسؤوليات من المنطق والعلم، قد ينوء بها عاتق المؤرخ الامين.

    ويكفيك من تعريفه ـ على سبيل الاجمال ـ ما يعرفك به الكتاب من فنه وعلمه، وكنا نود لو يتاح لنا ان نقف وقفة خاصة لهذه الناحية الفنية المتعبة، ولا سيما ونحن منه في سبيل العلم والفن اللذين اجتمعا للمؤلف فصاغا هذا الكتاب متساندين صياغة قدرة وابتداع، قل أن نجد لها ندا في مقدور زملائه من الاعلام ( أمد الله في حياة أحيائهم ).
ولكن إحكام الكتاب على هذا النحو من قوة العارضة في الادب، وبعد النظر في البحث، وسلامة الذوق في الفن وحسن التيسير في ايضاح المشاكل، وتحليل المسائل، أطلق له لسانا من البيان الساحر اغنانا عن الاخذ بالاعناق إلى مواضع جماله، فكل بحث فيه لسان مبين عن سره، يناديك حين تغفل عنه، ويدعوك بصوته حين تمر به سهوان، ولا تقدر لنفسك أن تتملاه أو تعجب به.
وكتاب فيه هذه الحياة لا ينفك عن صاحبه بحال، ولا تحسب ان للكتب حياة خاصة مستقلة، فليست حياة الكتب غير حياة المؤلفين والكتاب نفسها، فاذا سمعت نبأة، وأدركت حسا في كتاب، فانما تسمع جرس الكاتب، وتحس حسه عينه.

  وبعد فسأتركك عند هذا القدر من المعرفة بهذا الامام، ولك أن تكتفي به، ولك أن لا تكتفي منه، فبحسبي ان أشعرك بطرف مما عرفت منه، وانا انغمس في هذه ـ المراجعات ـ. وبحسبك مني أن ترى منزلته من نفسي: كعالم يضم إلى علمه فنا من الادب منقطع النظير، ولك أن تثق بي حين تعتبرني دليلا، امينا سليم الاختيار بترجمة هذه الذخيرة، وضمها إلى مؤثلات لغتنا الحية.

المدونة

مؤلفات

رسائل و مقالات

أبناؤه

قيد العمل